" من البحر الأسودْ "
فِي آخِرِ لَيْلاَتِ الْبَحْرِ الأَسْوَدْ
كلّ الأمواج مهاجرةٌ
أو واحدةٌ..
تستعطِفُ ريح الشّهقةِ
أو تَسْجُدْ
تستلهمُ من صيّاد الحوتِ –عَلَى مَنْفَى –
كيفَ الموجُ الحافي يتشرّدْ
أو يتمردْ
في آخر ليلاتِ البحرِ الأسودْ
يتجمّلُ آخرُهُمْ:
شعرٌ أسودْ
ثوبٌ أسودْ
نعلٌ أسودُ
ويدٌ سفلى تستعطفُ خادمَهُمْ:
دِينَارًا
بِاللّـهِ الصَّدْرُ آنتحرتْ فِيه الأدواءُ
هَوَتْ منهُ الأشياءُ
جَرَى رَبُّ النّارِ الْحَافِي يَتَمَرَّدْ
أَوْ يَتَشَرَّدْ
فِي آخر ليلاتِ البحرِ الأسوَدْ
عيْنٌ نامتْ
وسلاسلُهَا مِن نورٍ
أوْ ماءٍ يتنِهّدْ
أوْ نارٍ لم تسْجُدْ
ِدينارًا
أو أكثَرْ ..
سأعودُ أبِي
أُتركْ بابي مفتُوحًا
قل للحُّبَ (...)
وقل لِلْمَقْعَدْ (...)
سَأَعِودَ أبي
أَوَ لسْتَ ترانِيَ أَهْدَأَ مِنْ مَوْجٍ ؟
أشهَى من صيْدٍ؟
ألطفَ من بحرٍ يتمرَّدْ
أَوْ يتشرّدْ؟
سَأعودُ أبي
فَلماذا لم تَنْحِتْ في الدّينار العنوانَ
وبعض الدّقّات الأخرى ؟
وَلماذا لم تزرع في الأخبار الميزانَ
وَنصف أمانينا (الذّكرى) ؟
وَلماذا هذا الْمَرْقَدْ ؟
سَأعودُ أبي
أنا بالمقهى
الشّايُ هناك أصيلٌ لاَ يَنْفَدْ
وَصغار الحيّ حفاةٌ
لاَ تدري معنى المشيِ الأَوْحَدْ
أنا بالمقهى
الشايُ هناكَ –أبي- قَطِرَانٌ
أَسْوَدْ
في آخر ليلات البحر الأَسْوَدْ
تتوقـف سا عتـنـا
تتبدّل أسماءُ الفوضى
يتغيّرُ حرّاس المعبَدْ
يتبخّرُ بحرُ مدينتنا
ويسافِرُ فوق رؤوسٍ
فوق كؤوسٍ مِنْ عَسْجَدْ
- في آخر ليلات البحر الأسودْ
جارٌ ينسانا
أو أكثَرْ ..
(هَل كان وحيدًا؟) نَسْأَلُهُ ..
(هَل بات مريضًا؟) يسألنَا ..
والنّارَ تجيبُ بِحُرْقَتها
أَوْ تَسْأَلْ
البحرُ الحافي يتمد ّدْ
أو يَتَجَدّ َدْ
في آخر ليلاتٍ البحر الأسودْ
تأتيه سَمَاء ..
تَبْسط مائدةً
وتعلِمُهُ الأسمَاءَ بلا موعِدْ
أوْ تَزرعُ فِي الشِّعْر الْمَوْقِدْ
أوْ تُلبِسهُ ثوبًا يفْنى،
يَتلاشَى مِثْلَ الموجِ عَلَى الشّاطى
وَالْوَعْدُ الأَسْوَدُ أنْ تَبْقَى رِيحًا تَتَجَسَّدْ
أو تتوقدْ